يواصل ما يسمى (القضاء) في دولة الاحتلال بذل قصارى الجهود للتغطية على جرائم الإرهاب اليهودي ضد أبناء شعبنا، في تكتيك استعماري تضليلي يوحي للرأي العالم العالمي وجود محاكمات ونقاشات قضائية (لمعاقبة) القتلة، في حين أن ما يدور لا يعدو كونه فصول من مسرحية متواصلة تبدأ بإخفاء الأدلة في موقع الجريمة وتنتهي بتبرئة المجرمين بحجج وذرائع واهية لا تمت للقانون بصلة. هذا التكتيك المسرحي تم إسقاطه أيضا على المتورطين في مجزرة إحراق عائلة دوابشة، حيث كشف الإعلام العبري عن إقتراحات ونقاشات تدور من أجل التوصل الى صفقة بين الإدعاء في دولة الاحتلال وأحد المتورطين في إحراق العائلة، تقضي بإلغاء عديد التهم التي وردت في إعترافاته أمام أجهزة الامن الاسرائيلية، وهو ما يفتح الباب أمام خروج آمن وتبرئة جميع المتورطين في هذه الجريمة رغم إعترافهم وقيامهم بتمثيلها. وهو ما ينطبق أيضا على إقدام ما تُسمى بمحكمة الصلح في القدس بتبرئة 3 من أصل 5 مستوطنين متطرفين متهمين بتدمير مزروعات فلسطينية بدوافع عنصرية في منطقة (غوش عتصيون)، رغم إعترافات الثلاثة بتخريب الممتلكات الفلسطينية بدوافع عنصرية، ورغم إعتقالهم على هذا الأساس واعترافهم بتواجدهم في المكان، وهو ما يعني تبرئتهم من إرتكاب هذه الجريمة. بالمقابل شاهدنا بالأمس كيف أقدم مستوطن على إعدام شاب فلسطيني على مفترق بلدة بيتا جنوب نابلس في وضح النهار، لتسارع أجهزة الاحتلال وماكينته الإعلامية لتبني رواية المستوطن والدفاع عنها وإعتبارها حقيقة واقعة دون الأخذ بعشرات الشهادات الحية لمواطنين تواجدوا في المكان، ليتحول المستوطن القاتل الى (قاضي) يحق له إطلاق التهم وتبرير حكم الإعدام خارج أي قانون.
هذه هي حقيقة قضاء دولة الإحتلال، نظاماً يُشكل جزءاً أساسياً من منظومة الإحتلال نفسه، ويُسخر إمكانياته وأذرعه للدفاع عن الإحتلال وجرائمه والقائمين عليها أكانوا سياسيين، عسكريين أو مستوطنين. ويكفي مراجعة للقرارات الصادرة عن محاكم الإحتلال عندما يكون المتهم بجرائم الحرق أو القتل أو التدمير يهودياً لندرك كيف يتم رسم سيناريو محاكمته الصورية تمهيداً لتبرئته. هذا دليل واضح على إنحياز النظام القضائي الإسرائيلي الكامل لنظام الاحتلال مما يخرجه تماماً من أي سياق قانوني أو قضائي، وهو ما يجب أن يدركه المجتمع الدولي والجنائية الدولية وأمريكا وبعض الدول الأوروبية التي تتغنى بالديمقراطية الإسرائيلية، هذه ديمقراطية الاحتلال التي تبرىء كل متهم يهودي ملطخة أياديه بدماء الفلسطينيين. إن دور القضاء الإسرائيلي في التغطية على جرائم الإحتلال والمستوطنين يُشجع ميليشيات المستوطنين المسلحة وعصاباتهم الارهابية على التمادي في إعتداءتهم وجرائمهم بحق أبناء شعبنا، كما حصل هذا اليوم في بورين وعورتا في محافظة نابلس.
ترى الوزارة أن التقصير يطال مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والدولية العاملة في الارض الفلسطينية المحتلة، التي تتباهى بتقاريرها حيال أي خرق تقوم به السلطة الفلسطينية بقصد أو بغير قصد، بينما تغفل تماما متابعة مثل هذه الجرائم والإنتهاكات المتواصلة بحق الإنسان الفلسطيني وارضه وممتلكاته، مما يطرح تساؤلاً محورياً حول دورها في هذه المرحلة. من جهة اخرى، ستطالب الوزارة الجهات الدولية المختصة، خاصة المفوض السامي لحقوق الإنسان ومقرر حقوق الإنسان حول فلسطين والجنائية الدولية متابعة هذه القضايا وغيرها.