قرن من الزمان وشعب بأكمله ما زال يدفع ثمن وعد جاء لتلبية اطماع توسعية على حساب المنطقة العربية وقلبها النابض فلسطين.
قالوا فيه: "وعد من لا يملك لمن لا حق له"، هو جريمة القرن المتواصلة دفع شعبنا في كافة اماكن تواجده ثمن هذا الوعد وترجمته عمليا عام 1948 بنكبة ما زالت جروحها الدامية حتى اليوم".
وبفخر، تصر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على الاحتفال بمئوية وعد بلفور، الذي وضع قاعدة لتأسيس اسرائيل على أرض فلسطين في استفزاز واضح لكافة الاوساط الفلسطينية وتحد صارخ لقيم العدالة والانصاف وحق الشعوب في تقرير مصيرها، في الوقت الذي طالبت القيادة الفلسطينية وشعبنا بريطانيا بالاعتذار عن هذا الوعد وتحمل مسؤولياتها دون التنكر لحق شعبنا في تقرير مصيره، وبناء دولته ومنح تعويضات على احتلال ارضنا والاعتراف بنا، وهو ما طالب به الرئيس محمود عباس في خطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 20 من الشهر الماضي، فالوعد ليس جزءا من تاريخ مضى بل بداية لنكسة كبرى استمرت تداعياتها، وقتل بها شعبنا وطرد وهجر من ارضه وارتكبت بحقه ابشع المجازر والمآسي التي تتضاعف يوما بعد يوم.
وقال رئيس لجنة المتابعة العربية العليا محمد بركة لـ"وفا": إن وعد بلفور لم يكن نصا تاريخيا، بل وعدا أسس للمشروع الصهيوني الذي ما زال حتى اليوم يستعمل مصطلحات الوعد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والحديث فقط عن حقوق ثقافية ودينية لغير اليهود.
وتابع :"وعد بلفور والصهيونية العالمية لا تعترف بوجود الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي كان عدد الفلسطينيين العرب عندما اعطي الوعد 770 ألفا وعدد اليهود 60 ألفا، بمعنى ان نسبة اليهود لم تتجاوز 7 أو 8%من سكان فلسطين والانتداب البريطاني اعطى وعده لإقامة وطن لهم وتجاهل الفلسطينيين اصحاب الارض وسكانها".
وأشار بركة إلى أنه عندما صدر الوعد كان هناك حكم عسكري بريطاني في فلسطين ولم يكن الانجليز تولوا الانتداب على فلسطين، وبالتالي هذا وعد من لا يملك لمن لا يستحق، مشددا على أن المطلب الآن ليس فقط ان تقدم بريطانيا اعتذارا للشعب الفلسطيني، بل والى جانب الاعتذار عليها تحمل مسؤولياتها جراء ما الحقه هذا الوعد بشعبنا وتعويضه عن الكارثة والمأساة التي عاناها، والاعتراف بدولة فلسطين وحق شعبنا في تقرير مصيره وبناء دولته، وهو ما طالب به الرئيس محمود عباس في خطابة الاخير امام الجمعية العامة لأمم المتحدة، وهذه المطالب الجامعة لشعبنا في كافة اماكن تواجده.
وأضاف، نصيبنا من مأساة شعبنا كانت كبيرة فأهلنا في الداخل تحملوا ويلات وتداعيات هذا الوعد من تغييب للهوية ومصادرة للأراضي والتشريد، ناهيك عن السياسات العنصرية التي جرى انتهاجها بعد قيام اسرائيل وعدم الاعتراف بنا كأقلية قومية تنتمي لشعب، ومصادرة حقنا في تقرير المصير، ومؤخرا قانون القومية الذي يستند بشكل غير مباشر على ما صاغه الوعد.
وشدد بركة على أن رسالتنا واحدة طوال الوقت وسنوجه السهام الى بريطانيا لتتحمل مسؤوليتها تجاه ما لحق بشعبنا من الآلام والتشريد، خاصة أنه وبعد وعد بلفور بسط الانتداب البريطاني سيطرته وانشأت الحركة الصهيونية جهازا عسكريا مستقلا ومنفصلا في فلسطين تحت عينها وبصرها، وسنرسل في هذه المئوية الاليمة رسالة باسم مليون ونصف فلسطيني بالداخل الى الحكومة البريطانية، نؤكد فيها مطالب شعبنا ونطرح كذلك معاناتنا وحجم الاضطهاد الذي لحق بنا، واليوم سنصدر بيانا نؤكد فيه ما سبق، وسنخرج في تظاهرات على المفترقات الرئيسية بالبلاد لنفس الهدف ولإسماع صوتنا، وفي السابع من الشهر الجاري سننظم مظاهرة قطرية امام السفارة البريطانية في تل ابيب تحمل المطالب الثلاثة: الاعتذار وتحمل المسؤولية والاعتراف بدولة فلسطين.
ووجه بركة رسالة إلى العالم والمجتمع الدولي أن يرفع صوته للحق الفلسطيني ويطالب بريطانيا بالاعتراف بنا، وطالب رئيسة الوزراء البريطانية بالتراجع عن اقامة الاحتفاليات سواء في بريطانيا أو في سفارتها بتل ابيب، مثمنا موقف زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربين، الذي امتنع عن المشاركة في الاحتفال بمئوية وعد بلفور في لندن لأنه لا يريد المشاركة في عملية تلميع هذا الحدث.
بدوره، قال الأمين العام للتجمع الديمقراطي مطانس شحادة، إن اقامة دولة اسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني نتيجة لسرقة الارض والوطن ما كانت لتحدث لولا تواطؤ ومشاركة القوى العظمى في العالم، خاصة بريطانيا التي عملت الى جانب المؤسسات الصهيونية لسرقة الارض، ولتحقيق توازنات القوى العالمية فهذا الوعد جاء دون اي رادع اخلاقي وانساني، والوثيقة وما تضمنته تثبت مساهمة بريطانيا في سرقة ارضنا.
ولفت الى أن اصرار بريطانيا واعلانها امام العالم كله أنها ستحتفل وبفخر بمئوية وعد بلفور، هو استمرار في الغبن التاريخي بحقنا، حيث هي شريكة فيه، واستفزاز وتحد لمطالب شعبنا وقيادته.
وتطرق شحادة إلى مدى الألم والمعاناة التي عاشها شعبنا واهلنا في الداخل المحتل من التشتت والنكبة وخسارة الوطن والمشروع القومي والتهجير في الشتات ومخيمات اللجوء، التي عاشوا فيها اقسى ظروف الحياة والقهر الذي لم يتوقف، وما زالت اسرائيل تمعن في سياساتها العنصرية والقمع والعدائية ومحو الهوية التي نتصدى لها بتوحيد نضالنا الفلسطيني، والتمسك بالأرض وتعزيز الصمود وصولا للحرية واقامة الدولة المستقلة، واعادة الحقوق والحفاظ على الهوية والتواجد.
وقال شحادة: على العالم اليوم أن يقف أمام الممارسات الاسرائيلية، ويضع حدا للاستيطان والعنصرية، ويأخذ موقفا اخلاقيا واضحا واحترام حقنا في تقرير المصير ودعم ذلك.