تمسك القيادة الفلسطينية بالسلام كخيار استراتيجي دفعها بشكل دائم للتعاطي الايجابي مع جميع الجهود والمبادرات العربية والدولية الهادفة الى تحقيق السلام وتحقيق حلم شعبنا بالحرية والاستقلال، وهو ما حرص عليه الرئيس محمود عباس في تعامله الايجابي وبنوايا صادقة وعقلٍ منفتح مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب منذ دخوله الى البيت الابيض، خاصة في ما يتعلق بافصاح ترامب في بداية عهده عن نواياه ببذل جهدٍ جدي لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، هذا الانفتاح الفلسطيني العقلاني والواقعي سرعان ما قوبل بجملة من الاعلانات والقرارات والمواقف الامريكية السلبية المنحازة بشكلٍ كامل للاحتلال وسياساته. بالأمس واستكمالاً للتبني الامريكي لمواقف دولة الاحتلال والاستيطان والعنصرية تحدث ترامب عن اعتقاده بوجود "فرصة" لنجاح صفقة القرن، مع العلم ان ما تسرب من بنود ومضمون لتلك الصفقة المشؤومة لا يعطي لا من قريب ولا من بعيد أية فرصة للجانب الفلسطيني للتعاطي الايجابي مع تلك "الصفقة"، فعن أي فرصة نجاح يتحدث ترامب وفريقه وهو يدرك جيداً ان الطرف الفلسطيني يرفض بشكل قاطع أية حلول تستثني القدس وتعطيها للاحتلال، وتمنح اسرائيل "الحق" في رسم حدودها الدائمة من طرف واحد وبالقوة، وتنتزع بشكل مسبق ما يقارب 40% من الضفة الغربية المحتلة لتقدمها مجاناً للجانب الاسرائيلي، وسواء صدقت التسريبات أم لم تصدق فان حديث خطة ترامب عن دولة فلسطينية لا يعدو كونه ذراً للرماد في العيون ومحاولة لتمرير ما جاء فيها من بنود ونصوص تقوض اية فرصة لاقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية، ليس هذا فحسب، بل تتحدث التسريبات عن شروط مسبقة وتعجيزية لاقامة هذه "الدويلة" المسخ الفاقدة لأي شكل من اشكال السيادة، كما تحدثت التسريبات عن ما اسمته "مرحلة انتقالية" مدتها 4 سنوات كمرحلة تحضيرية لتنفيذها وقبول الفلسطينيين بها، وهو ما يعني استمرار نصب المظلة الامريكية طيلة هذه المرحلة حتى يجهز الاحتلال على ما تبقى من ارض فلسطينية في الضفة ويستكمل تنفيذ مخططاته الاستيطانية التهويدية، وصولاً الى ضم ما تبقى من أرض لدولة الاحتلال.

تؤكد الوزارة ان مضمون صفقة ترامب-نتنياهو لا يتعدى كونه  ترجمة امريكية لوعد بلفور، وفكرة اسرائيلية قديمة بلباس امريكي جديد يدعو الى اقامة "كيان" فلسطيني في قطاع غزة وفرض السيطرة الاسرائيلية بالكامل على الضفة الغربية المحتلة، وللتعامل مع القضية الفلسطينية كـ"مشكلة سكانية" بحاجة الى "اغاثة اقتصادية" بمفهوم السلام الاقتصادي الذي طالما تغنى به نتنياهو، وهو الأمر الذي رفضته القيادة الفلسطينية منذ سنوات طويلة، وهي تكرر رفضها له الان. تجدد الوزارة ادانتها الشديدة لخطة ترامب-نتنياهو، وتعتبرها مؤامرة قديمة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، ومحاولة لشطب الحقوق الوطنية العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير والعودة واقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 بعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.